Translate

Friday, July 16, 2010

بوريس تاديتش: عالم نفس و قائد دولة، قلب يشعر و عقل يفكر



بوريس تاديتش: عندما يبكي الرجال الكرام
بدءا، هذه المقالة ليست كرها لأحد، و لا تعظيما لأحد، لكنها تكريما لتصرف بسيط. فاختلافك مع شخص لا يمنعنك من أن تمدح عطره الذي يفوح، متعللا بالزكام!  الذي استحثني للكتابة هو موقف واحد لرجل واحد من الصرب، ألا و هو الرئيس بوريس تاديش. ربما نكون كسبنا من حيث لا نحتسب رجلا لديه قلب و مشاعر، و لديه عقل و موضوعية. أقول اكتسبنا - لا نحن المسلمين فحسب- بل اكتسبت الإنسانية رجلا لم يخجل أن يغالب دموعه وسط أوروبا اللاهثة العملية. و كيف له ألا يبكي و هو يشاهد مئات النعوش المحمولة نحو مثواها الأخير بعد 15 عاما من القتل بيد بني جلدته الصرب؟ و ها هو يضع إكليلا من الزهور للمرة الثانية، إذ حضر قبل ذلك الاحتفالية العاشرة لذكرى مذبحة سربرينتشيا.
لا يفوتنا أن نذكر حضور رؤساء البوسنة و الجبل الاسود وكرواتيا وسلوفينيا ومقدونيا و رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان و زوجه. و حضر أيضا وزير الخارجية الفرنسي و و زير خارجية ماليزيا و سفراء عدة دول في البوسنة لوداع الشهداء.
هل الصرب هم إسبرطة هذا العصر؟
سيهاجمني البعض: تمدحين رجل من صربيا! فأنعي لهم أمما كاملة تقتل لأجل إشباع غريزة القتل الحيوانية و تخلو قلوبها من مشاعر البشر مثل دولة إسبرطة قديما. تلك التي سقطت بعد زمن من البطش و الانتصارات فسيطرت على مدن اليونان و هزمت أثينا. يذكر لنا التاريخ أنها سقطت، و لم يبكها أحد من العالمين. ذاك  أنها كانت دولة عسكرية لا يعرف أهلها غير الحرب و القتل و لا يعرفون الإنسانية. الإنسان كان آلة عسكرية للقتل فقط. رحلت مثل الهكسوس و التتار حيث لم يعرف قادتهم غير القوة المفرطة و القسوة بلغة هذا الزمان، و ربما كان بين صغار جنودهم من غلب على أمره. لقد ولت هذه العصورالتي تحكم بالقوة فقط. لم أود أن أضيف الصرب لهذه الأمم حتى على الافتراض النظري. و ذلك بالرغم من فظاعتهم ضد الكروات و المسلمين، و بالرغم من تعنتهم لئلا يعترفوا بالإبادة الجماعية، و بالرغم من تكريمهم لقادتهم وتخبئتهم في صربيا لسنوات من محكمة العدل الدولية، و بالرغم من إطلاقهم الاحتفالات بمجازرهم، وتوزيعهم لأسماء مجرمي الحرب على النياشين و الأوسمة متحدين المجتمع الدولي و الإنسانية و ربما الاتحاد الأوروبي أيضا، و بالرغم من تكريمهم رادوفان كاراديتش قبيل إحياء ذكرى مذبحة سربرينتشا بيوم واحد قائلين أن الحزب لا يخجل من تاريخه!
و بالرغم من هذا كله لم أصدق! لم أصدق زيف نظرية أن يجتمع قوم على هذه القسوة و تلك العقلية المتعصبة على مر العصور... كنت أدعو ربي أن يهديهم لصالح البشرية إن لم يكن لصالحهم أيضا. و كنت اتساءل: أيها الصرب، أليس فيكم رجل رشيد؟ أليس فيكم قلب حي ينبض و يشعر؟ ثم وجدت أن مواقف الرئيس الصربي الحالي تنفي هذا الاتفاق على التعصب، و تدل على رجاحة عقله. ثم  جاءت دموعه التي التقطتها العدسات إجابة قاطعة تدل على يقظة قلبه. بالطبع الرجال مواقف، و لدى الرجل مواقف أخرى قد نتفق أو نختلف معه فيها. لكن دعوني اقرأ هذا الموقف خاصة. يبدو موقفا بسيطا، لكن تأثيره لو تعلمون كبير.
و في ذات المشهد، أدانت بعض السيدات الصربيات المذبحة في وقفات احتجاجية. و هناك أكثر من نصف البرلمان الصربي (127 من أصل 173) يفكر في اتجاه الاعتذار و المصالحة حتى لو كانت الدوافع منفعة البلد أكثر منها ضميرا داخليا. على كل، شكرا لهؤلاء. أما القلوب التي صدئت و أخذت تجادل في البرلمان الصربي لتعرقل كل تصرف يدعو إلى إعادة السلام و المصالحة و محاسبة المجرمين فلتذهب بعقولها و قلوبها إلى حيث ذهبت إسبرطة و أخواتها.
عندما بكى المستشار هيلموت كول من قبل:
هل تذكرت جنازة الرئيس الراحل فرانسو ميتران، حيث حضر المستشار الألماني هيلموت كول و تساقطت دموعه و عرضتها آلات التصوير هنا و هناك؟ حينها قال المعلق: إن الفرنسيين لن ينسوا له هذه الدموع الغالية أبدا. و لأننا المسلمين لا نبخس أحدا حقه، فنحن أولى بأن نشكره على هذه المشاعر و تللك اللفتة الكريمة بالحضور المشرف. نقول: لن ننسى لك هذه الدموع الغالية يا سيد بوريس تاديش. بالرغم من أن بعض أقارب الضحايا يرون في حضور السيد تاديتش الصربي سببا لتذكر ألامهم. بينما ممثلة أرامل سربرينيتشا تمنت الترحيب به، لكنهم سيستقبلونه بسلام و طمأنينة. تعالى هتاف بعض الجماهير: برافو (أحسنت) بوريس.


 I wish to welcome you, we are receiving you in peace," Kada Hotic, a representative of the Srebrenica widows, told Serbia's president Boris Tadic while he held her hands. Some in the crowd yelled ...Bravo, Boris 

قرائي الأعزاء: إن الدموع ليست أحزان النساء فقط، لكنها أيضا امتحان الرجال الكرام. لا تقولوا: إن المشهد الجنائزي يدمي أي قلب، فحينما دفن الضحايا، كانت قلوب بعض الصرب تحتفل بلا خجل بالمجزرة في نفس اليوم، و ربما استاءوا من مشاركة رئيسهم مراسم الدفن و التأبين. هؤلاء رجل، و هذا رجل. قد تقولون إنما هي مشاركة رسمية لتسيرالمصالح للأفضل، اقول: و لم لا؟ فهذا التصرف من رجاحة عقله، أما الدموع فمن رقة قلبه. ستمر الأيام و يصدق حدسي أننا كسبنا رجلا يحسن التعامل مع المواقف. و ربما...، فمن يعرف المستقبل؟
برافو-أحسنت- بوريس ثانية!:
على موقعه بالفيسبوك يصفه المعجبون الصرب بالشجاع لمواقفه وخاصة الأخير. لكنهم يشفقون عليه من المهمة الشاقة بعد ميلوسوفيتش. و يحذرونه من المعارضة المتعصبة. و لا ينسوا أن يداعبوه (برافو-أحسنت- بوريس).
قصة نجاح تاديتش عالم النفس:( لماذا معظم رؤساء الصرب يدرسون علم النفس؟)
ولد بوريس تاديتش في سراييفو لأسرة عانت من الحرب العالمية الثانية، حيث توفى جده لأمه و ستة من أقاربه. رحل إلى بلجراد و عمره ثلاث أعوام في رعاية والده الفيلسوف، و أمه عالمة النفس. و العجيب أنه أيضا درس علم النفس و ارتقى في علومه الإكلينيكية. ألا يذكرك هذا بمجرم الحب كاراديتش الذي كان طبيبا نفسيا أيضا، لكن لم تتذهب أخلاقه، فعاث في الأرض فسادا؟!
أما تاديش فليس فقط الرئيس لكنه عالم النفس العملي الذي أراد أن يمحو أثار الحرب بالكلمات و الأفعال، فاعتذر للبوسنة و الكروات. و كلل ذلك بوعد بتقديم مجرمي الحرب و الهاربين للعدالة حتى لو وجد ملاديتش في صربيا . في عهده سلم المجرم كاراديتش للمحكمة الدولية مما ألب عليه أعضاء الحزب الصربي المعارض متهمينه بالخيانة.
ماذا يقول تاديتش؟: ونعتبر التعاون الكامل مع محكمة العدل الدولية في لاهاي في مصلحتنا القومية. وقد انقضى وقت كاف لكي يتحمل الأفراد المذنبون من جميع الأطراف المسؤولية عن الجرائم التي اقترفوها. وقد أدى فوزي الى تعزيز الإجماع السياسي لتقديم مجرم الحرب راتكو ملاديتش والهاربين الآخرين الى العدالة. واذا كان ملاديتش في صربيا فاننا سنلقي القبض عليه.
دعوا تاديتش يتكلم عن نفسه ليقول: أنا رئيس صربيا .. ولكني لست ميلوسيفيتش (نشر هذا الحوار عام 2004 بجريدة الشرق الأوسط، بعيد تسلمه منصب رئيس صربيا).
اختار مواطنو صربيا التصويت لمصالحهم وليس لاستيائهم. و أنا كمنشق كافحت الشيوعية ، وكسياسي معارض كافحت الطغيان ، وكرئيس لصربيا سأكافح من أجل المساواة في الفرص لجميع مواطني صربيا بغض النظر عن انتماءاتهم الإثنية والدينية. وهذا الأمر يواجه صعوبة بسبب إرث ميلوسيفيتش في الفساد متعللا باسم القومية.
دع القراء يعلقون قائلين:
مادمت يارئيس صربيا على هذه الدرجة العالية من التحلي بالقيم والعدالة , فهل عملت شيئا لإعادة آلاف المهجرين المسلمين لديارهم؟ وهل قمت برد الحقوق والممتلكات والتعويضات للمسلمين الذين ذبحوا وروعوا وشردوا في أكبر حملة تطهير عرقي وديني شهدتها أوروبا في الزمن الحاضر؟ أم أن العدالة عند بوريس تعني إنصاف الصربي المسيحي فقط , ظالما أو مظلوما؟
مواقفه من استقلال كوسوفا: (المعلومات مأخوذة من مواقع إخبارية)
أشار رئيس جمهوريَّة صربيا بوريس تاديش إلى توقعات بلاده في أن تقر المحكمة بعدم مشروعية اعلان استقلال كوسوفو من جانب واحد. وأكد الرئيس تاديتش أن نتيجة مغايرة لذلك ستعني أنه لن تكون هناك حدود آمنة في أي مكان من العالم أمام موجات الانفصاليين، مما سيتسبب في عدم الاستقرار في كافة أرجاء العالم، مع تضاعف الصراعات العرقية.
ورثنا مشكلة كوسوفو من خلال الحزب  ونبذل كل ما في وسعنا للدفاع عن مصالحنا وسط أجواء دولية صعبة ونشارك في عملية التفاوض لتحديد وضع كوسوفو التي بدأت في وقت غير مناسب.
 وأنا كرئيس لصربيا يجب عليا لزيارة كوسوفو أن أحصل على تصريح من قائد قوات (K4) هذا نتيجة حكم النظام السابق في صربيا نتيجة حكم ميلوسوفيتش. أنا الرئيس الوحيد في أوروبا والعالم الذي يجب أن يحصل على تصريح من قائد أجنبي أو قائد (K4) لزيارة جزء من بلده.
نحن بكل تأكيد لا نرغب في إعلان الحرب ولن نريد استخدام العنف من جديد في البلقان لأنه بلا شك أن الحرب والعنف لم يكونا ضمانا لحماية المصلحة الصربية في التسعينات واكتسبنا خبرة من حكم ميلوسوفيتش مثل هذا الخطأ السياسي لا نريد تكراره فهو لا يجلب السعادة ولا يفيدنا في الدفاع عن مصلحتنا القومية نحن نريد دفاعا بالطريقة التي تناسب المعايير الأوروبية والعالم المتحضر.
مواقفه الأخيرة في التعاون مع الدول (المعلومات مأخوذة و مترجمة من وكالة الأنباء الوطنية):

و بدأ تاديتش  مع أردوغان  حقبة جديدة من التعاون في التعاون العسكري والاقتصادي والثقافي. وقد أعلن الرئيس تاديتش بناء مركز كبير للثقافة الإلإسلامية و التي ستظهر صربيا متعدد الأعراق حيث سيتم دراسة الثقافة الإسلامية والتركية  علاقاتهم التاريخية. وقال رئيس الوزراء أردوغان أن الصورة الدولية لصربيا تغيرت للأفضل بسبب اعتمادها إعلان إدانة جريمة سريبرينيتسا بفضل مبادأة الرئيس تاديتش. مشيرا لاستماع تاديتش إلى صوت الضمير والشجاعة لتحمل المخاطر عندما قم باعتماد إعلان سريبرينيتسا ، و حضرالاحتفال بذكراها في بوتوكاري. تاديتش وأردوغان افتتحا بيت الثقافة التركية "كمال أتاتورك" ، الذي سيكون جزءا من شبكة عالمية من المراكز الثقافية التركية. و كان رئيس الوزراء التركي في زيارة رسمية تستغرق يوما واحدا إلى صربيا.

Serbia's President Boris Tadic wipes tears during a joint burial in the Srebrenica Genocide Memorial on July 11, 2010.
"I wish to welcome you, we are receiving you in peace," Kada Hotic, a representative of the Srebrenica widows, told Serbia's president Boris Tadic while he held her hands. Some in the crowd yelled "Bravo, Boris!"
On December 6, 2004, Boris Tadić made an apology in Bosnia-Herzegovina to all those who suffered crimes committed in the name of the Serb people. In 2007, Tadić issued an apology to Croatia for any crimes committed in Serbia's name during the war in Croatia.

Sources:
Wikipedia: Boris Tadic

Wednesday, July 14, 2010

حيببتي سراييفو




هذه مقتطفات من نهاية مسرحية 
( حيببتي سراييفو) للأديب الدكتور نجيب الكيلاني.

علي:  سوف نستدعي صديقنا الطبيب الفلسطيني الذي يعيش في البوسنة منذ أكثر من ثلاثين عاما..إنه يدير المستشفى السري بكفاءة و هو مجاهد معنا منذ البداية.
بلالوفيتش: ألا تذهب إلى المخبأ..
علي (يبتسم في مرارة):  ومن لهؤلاء إذا اختبأت..إن كلمة  الموت لم تعد تفزعني من قديم..انزل إلى رجالنا و أصدر إليهم أوامري بأن يحاولوا إسعاف الجرحى، و سحب القتلى من تحت الأنقاض..لا..لا..بل سأنزل أنا..
بلالوفيتش: لكن الخطر ما زال محدقا بنا.
علي: الناس يحتاجون إلى قيادة و قدوة.
***
علي: ليس لنا خيار آخر.
(يغلق الجهاز ثم يلتفت إلى أخيه بلالوفيتش و يقول له)
هيا بنا لنجعل الناس يستعدون للغارة الجوية المحتملة إن قرارات الأمم المتحدة يحرم على الصرب استخدام الطائرات ضدنا بل و منع تحليقها أصلا.
بلالوفيتش: و أين الأمم المتحدة، القرار ينتهك كل يوم.
علي: و ليست لدينا طائرات حربية يا بلالوفيتش.
بلالوفيتش: الحق للأوغاد الأقوياء.
(الجنرال علي يختطف رزمة من الأوراق ثم يلقي بها في الموقد و يشعل فيها النار)
بلالوفيتش: ما هذا يا أخي؟؟
علي: قرارات الأمم المتحدة و مجلس الأمن و توصيات الوسيطين الدوليين.
(تشتعل النار في الموقد، يمد علي يديه ليدفئهما) تعال يا بلالوفيتش لتدفيء يديك أنت الآخر و إن كنت أرى أن هذه الأوراق المحترقة ليس فيها دفء على الإطلاق، إنها هباء يا بلالوفيتش.
***
علي: حتى رجال الله لا بد أن تكون لحياتهم نهاية. لا يهم أن نموت أو نعيش..المهم أن تبقى كلمة الله هي العليا
***
تصور يا أخي أن زراديتش شاعر...شيء يدعو للسخرية المفروض أن الشاعر رقيق الحس و الوجدان فكيف تسعده المذابح..ثم إنه طبيب نفسي على دراية بخفايا النفوس ذلك الملعون إفراز الحضارة القذرة..
آه يا حاكم الصرب سيذكرك التاريخ بأبشع صفات النذالة و الخسة..إنه يخرج لسانه للمجتمع الدولي الذي أراد أن يحاكمه كمجرم حرب. سفاح صربيا.. سفاح صربيا.
بلالوفيتش (مرعوبا و هر يقترب من أخيه): علي إنك تنزف يا أخي كيف حدث هذا دون أن نشعر به؟؟
علي: انظر يا بلالوفيتش..إنني أرى من بعيد أضواء الفجر الآتي و أرى الكعبة تسبح في النور..و أرى الملائكة المسومين يقدمون نحونا من أرض بدر الكبرى..إنني أسمع الهتاف العظيم..لا إله إلا الله..صدق و عده و نصر عبده..و أعز جنده و هزم الأحزاب وحده. إنهم قادمون يا بلالوفيتش..إخواننا المسلمون في أنحاء الأرض قادمون على صهوات الريح، إنهم يبدلون الظلام و يجندلون سماسرة الموت.
إنه ليس حلما يا بلالوفيتش..إنني أراه حقيقة..إنهم قادمون.
على أجنحة يكبرون و يهللون.
الله أكبر.
الله أكبر.
بلالوفيتش (يسند أخاه علي الذي ينزف من كتفه جهة اليسار على صدره..و ترتج الآفاق بهتاف الله اكبر و على السادة مشاهدي المسرحية أن يشاركوا بالتكبير..و يندمجوا مع الممثلين حسب توجيهات المخرج)

ستار الختام
مصدر الصورة سراييفو عام 1970




Monday, July 12, 2010

سربرنيتشا: قالت الأم دعوه، فليرقد معهم في سلام






For English Version ..click here 

ترجمة وإعداد: د. إيمان الطحاوي 

تم دفن رودلف وهو الرجل المسيحي المغدور به - من قبل الصرب- كما أصدقائه المسلمين الذين بقي معهم لآخر يوم قبل مقتله معهم. دفن في نفس المكان الذي يشمل رفات 775 رجلا وشابا مسلما قتلوا على يد الصرب عام 1995. كان رودلف رجلا كرواتيا كاثوليكيا شارك نفس المصير مع 8000 مسلم من جيرانه قتلوا في مذبحة سربرنيتسا. والجيرة هناك كالأخوة أو القرابة. وحيث عاش قبل وأثناء الحرب، فقد لاقى نفس المصير. وبالأمس: عندما سألوا أمه إن كانت ترغب في دفنه في أي مكان تحب؟ قالت: لا، دعوه حيث مات معهم، فليرقد معهم في سلام. رقد مع أصدقائه المسلمين في القبور الجماعية، ثم أعيد دفنه بعد 15 عاما من البحث الدقيق لأن الصرب قاموا بتوزيع الجثث على أكثر من 70 منطقة وطمس معالم الدفن لإخفاء أثار الإبادة الجماعية. لم يحدث هذا في العصور الوسطى المتخلفة أو في قلب بلاد العالم الثالث، لكنه حدث في قلب أوروبا في نهاية القرن العشرين. 

في عام 2010، تم العثور على جثة رودولف في إحدى المقابر الجماعية الثانوية في كامينيتشا.

بدعم من زوجة رودولف هاتيجا وابنته ديانا، قررت باربرا الأم بعد ذلك دفن رودولف في مركز بوتوشاري التذكاري، مع أصدقائه البوشناق الذين عاش معهم ومات.

كان واحدا من أربعة كاثوليك سربرنيتسا قتلوا في الإبادة الجماعية، لكنه الوحيد الذي دفن في المركز التذكاري.

.
 كان رودولف هرين، كان لاعب كرة قدم محلي شهير قبل الحرب، حيث طلبت والدته باربرا هرين دفنه بالطقوس الكاثوليكية، ولكن مع أولئك الذين كانوا جيرانه وأصدقائه.

"والد الزوج سلوفيني ، وزوجته ماريا، ألمانية. كان والدي رومانيًا وأمي يوغوسلافية. ثم أعلن ابني،" أنا كاثوليكي، أنا كرواتي. "وتزوج لاحقًا من امرأة بوسنية (خديجة). كان معها حتى النهاية ".


قُتِل إيفان ابن باربرا الأصغر في عام 1992 ودفن في مقبرة محلية في سربرنيتسا ، بينما تم إطلاق النار على رودولف الأكبر في كوزلوك بالقرب من زفورنيك بعد القبض عليه في كامينيتشا عام 1995. 

"تتمتع عائلة هرين بمكانة خاصة في قلب جميع سكان سربرنيتسا. كانت زوجة رودولف تدرس اللغة البوسنية في مدرسة محلية خلال الحرب".

جاء هرينوف من فويفودينا إلى سربرنيتسا في عام 1960. توفي زوج باربرا، ألكسندر هرين، في عام 1976.

تقول الأم: 
"بقينا هنا ، ذهب الأطفال إلى المدرسة ، المدرسة الثانوية. الابن الأكبر - لقد  أحب الجميع. كل من كان يمر كان يناديه رودي ، رودي ، وكان يتصل بالجميع ".


في 11 يوليو 1995 ، رأت الأم باربرا رودي آخر مرة ، ومنذ ذلك الحين مرت سنوات من الحزن. فقد ماتت كل أفراد أسرتها. تقول غنها لا تفتقد إلى المال، لكنها تفتقد الأرواح التي رحلت.




تحديث: 2018:

دُفنت باربرا هرين في سربرينتسا - فبراير 2018

توفيت باربرا هرين، والدة رودولف وإيفان، التي قضيا في الإبادة الجماعية في سربرنيتسا، يوم الجمعة في دار توزلا للمسنين عن عمر يناهز 83 عاما.

وقال سادمير نوكيتش من رابطة معتقلي سربرنيتسا : إن البوسنة والهرسك فقدت بطلة أخرى أعطت الدولة أثمن ما لديها، وهما ولداها.

(باربرا هرين أعطت أثمن شيء لديها للبوسنة والهرسك)

Nukić: Barbara Hren je za BiH dala najvrijednije što je imala (nap.ba)


"He died with them. Let him rest with them."
"Rudolf is buried among the friends he stayed with until the last day." - Barbara Hren (mother)


Source: http://srebrenica-genocide.blogspot.com/2010/07/rudolf-hren-croat-buried-in-srebrenica.html

النساء ضحايا الحرب في البوسنة و سربرنيتشا

Children Raped in the Srebrenica Genocide

النساء ضحايا الحرب... هو اسم منظمة أهلية غير حكومية وثقت أكثر من  25000 عمليات اغتصاب لنساء و فتيات في البوسنة و الهرسك. معظمها  قبل و أثناء الإبادة الجماعية و المذبحة.
قصة عن (إيدينا 15 عام ، و ألميرا 12 عام)
فصل الرجال عن النساء وأخذ الرجال بعيدا ليقتلوا جميعا. أما النساء و البنات فقد
أخذن لمراكز الاحتجاز حيث كان الاغتصاب في انتظارهن خاصة في شرق البوسنة.
كنت أصرخ كثيرا.
كان عمر إيدينا 15 عاما. اغتصبت عدة مرات من قبل الجنود الصرب. و كانت شاهد على ما حدث في بلدية سربرنتشيا حيث حدث أمام أعين القادة الصرب أن أخذت الفتيات عدة مرات للاغتصابات الجماعية بواسطة الجنود الصرب. كانت البنات يضربن ليلا و يؤذين
، فقد هددت إيدينا بمسدس مسلط على رأسها طوال الوقت حيث كانت تصرخ طيلة الوقت. وحدث نفس التصرف في أماكن أخرى مثل معسكرات فوكا و المناطق البوسنية في وادي نهر درينا.
لا تأخذني، فعمري فقط 12 عاما.
ألميرا عاشت في بلدية فوكا و هي قرية والدها. ذلك الأب الذي أخذه الصرب عام 1992، و لم تره ثانية. في أغسطس 1992، أخذت إلى بيت كارامان بواسطة القائد رادوفان ستانكوفيتش لمدة عشرة أيام تواصلة حيث عملت كخادمة للجنود الصرب. و في منتصف سبتمبر 1992 كانت مع أمها و أختين و العديد من النساء في الطريق لمناطق خاضعة للحكومة البوسنية للتبادل. و فجأة توقفت الحافلة و نودي عليها و جذبت من يدي أمها التي صرخت أعد إلي ابنتي قبل أن يغمى عليها. سمعت ألميرا تصرخ: لا تأخذني، فعمري فقط 12 عاما.
ألميرا الصغيرة التي جاءت للمنزل محتضنة دميتها كأي طفلة لم تكن تعرف ماذا ينتظرها هناك. ربما الموت! ربما القتل! ربما التعذيب!...لكنه كان الاغتصاب! و قد أزيلت عذريتها بواسطة جندي صربي كان دائما يتفاخر بأنه أول من أخذ عذريتها مع جندي يبحث دائما عن العذراوات ليغتصبهن. الطفلة ألميرا وجدت تبكي و تتقيأ بعد الحادث، و هو يعد نوعا من اضطراب الأعصاب التابع لحادث الاغتصاب. و تتعدد الكوارث، حتى تباع  كالعبيد لقائد آخر. و بعد ذلك لم يعثر لها على أثر. ربما قتلت.
الآن ربما تستطيع مساعدة إيدينا..لكن لأجل ذكرى ألميرا و غيرها ممن لن نستطيع مساعدتهم و حتى لا تتكرر المأساة و ينال المغتصب عقابه؛ عليك أن تكسر حاجز الصمت، اقرأ الفقرة التالية التي يصعب علي ترجمتها:

Raped women were also victims of Srebrenica genocide
[W]e saw two Serb soldiers, one of them was standing guard and the other one was lying on the girl, with his pants off. And we saw a girl lying on the ground, on some kind of mattress. There was blood on the mattress, even she was covered with blood. She had bruises on her legs. There was even blood coming down her legs. She was in total shock. She went totally crazy. [See: Prosecutor vs. Krstic Judgement]


Breaking the Silence, continue reading:
- One of many accounts of rapes after the fall of Srebrenica
- Raped women were also victims of the Srebrenica Genocide
- Silence and Shame Shield Srebrenica Rapists from Justice
- Babies of Bosnia's Rape Victims Forgotten by the State


SOURCE:


The NGO "Woman - Victim of War" (Žena - Žrtva Rata) has documented more than 25,000 systematic rapes of women and girls in Bosnia-Herzegovina, many of them occurred in the Srebrenica region before and during the Srebrenica genocide.
Related articles :

الاحتلال رعب تجسده نساء العالم

سربرنيتشا: تبرع بحذائك القديم للأمم المتحدة




نداء عاجل رأيته على الإنترنت: تبرع بحذائك القديم للأمم المتحدة
و لأن الأمم المتحدة وقفت كالمتفرج و ربما كالمتواطيء أمام مذبحة مسلمي  سربرينيتشا فإن أهل الضحايا ألمحوا و أشاروا للأمم المتحدة كعنصر رئيس في هذه المذبحة التي قتل فيها 8000 مسلم على يد القوات الصربية.
كيف؟ حدث هذا بعد أن أعلنت الأمم المتحدة سربرنيتشيا منطقة آمنة فاتجه السكان غير المسلحين فارين إليها.  و عندما تقدم الصرب لقتلهم، لم تفعل القوات الهولندية الأممية شيئا و لم تطلق رصاصة واحدة و تركتهم يقتلون في ساعات! كان  الذكور (رجال و أولاد) وليمة سهلة للفك الصربي، في حين المهانات و الاغتصابات لحقت بالإناث( نساء و بنات). لهذا فإن العار لا يلاحق فقط القاتل الصربي، بل يلاحق الأمم المتحدة المفترض فيها أن تكون الحمى و السند لكل الأمم المسالمة و ليس العكس. إن  سلبية قوات الأمم المتحدة سحبت البساط من تحت هالتها لتؤكد أننا نعيش في غابة  شعارها البقاء للأقوى. و الشواهد تتكرر من تصرفات الأمم المتحدة على مر السنوات.


ما هي قصة الأحذية؟ و لهذا فقد أشار الناشطون بإصبع الاتهام نحو الأمم المتحدة و صنعوا لها قاعدة من العار وضوعوا فيها16744  حذاء يمثلون8372  ضحية قتلت في مذبحة سربرنيتشيا في مدخل برلين - Brandenburg Gate- بألمانيا.  بينما الأحذية القديمة ملئت أيضا شوارع العاصمة الصربية بلجراد من قبل ناشطين صرب.
 
إن تجمع الاحذية في برلين و بلجراد يعد تعبيراأو كناية عن خيانة هائلة من قبل الأمم المتحدة لأهالي البوسنة كما يقول النشطاء الألمان.


هناك أراء تختلف معهم:
ربما لاختلاف الثقافة فقد تعتبره أنت إهانة أو عدم الاحترام للأمم المتحدة. أو يعتبره آخرون نوعا من التجني الزائد ضد الأمم المتحدة.
لكن الأمور المصيرية لا تحتمل فرض المجاملة أو سوء الأدب. الموضوع مجرد تعبير مهذب عن حقائق مؤلمة حدثت. كم أن هؤلاء الأوربيين لن يضعوا الأحذية كوسيلة للاعتراض الشكلي و السلام. بل إن هذا التصرف يتوج فترة من النشاط المستمر و التحقيقات و المسائلات و المقالات و المدونات لتبصير للناس بما حدث. و تأتي في النهاية مثل هذه القواعد الشكلية و المسيرات لتحدث بلغة أكثر سخرية. فبالرغم من وجود تحقيقات رسمية مع القوات الهولندية في قاعدة الامم المتحدة المتواجدة حينها إلا إن هذه التحقيقات المتأخرة برأتهم لأسباب مثل خفة التسليح و غير ذلك. و كأنهم كانوا في نزهة مثلا. أهالي الضحايا و الناشطون لم يسكتوا، و أصدروا قرارهم الرمزي بهذه الأحذية. بل إنهم ينوون أخذ الأمم المتحدة نفسها لمحكمة حقوق الإنسان الأوروبية، ويدعون ضميرك للاستيقاظ معهم. ربما ساعدهم البعض بزوج من الأحذية القديما متبرعا. و ربما استمر البعض في متابعة القضية باستمرار و نشر أخبارها على مدونته أو صفحته بالفيسبوك حتى لا ننسى.

سؤال مستقبلي خبيث:
ربما يتساءل البعض ماذا سيفعلون بعد ذلك بهذه الأحذية؟!فمعظمها قديم...نقول لهم: لا تقلقوا فالأمم المتحدة لها قواعد عديدة من العار تحتاج هذه الأحذية في أماكن عدة بالعالم العربي و الأفريقي. هل تعرفها؟ شاهد هذا الفيديو لتعرف ما حدث بالتفصيل... خذ نفسا عميقا...رحم الله الشهداء.





The Pillar of Shame serves as a metaphor for the immense betrayal of the United Nations in Bosnia and Herzegovina, and as a warning to all future co-workers of the United Nations. The 16,744 shoes represent 8,372 Srebrenica genocide victims.
The German activist describes his project as a "warning for all future UN employees never again just to stand by when genocide unfolds" — alluding to the failure of UN peacekeepers to protect the Srebrenica victims during the Bosnian war.
On July 11, 1995, more than 8,000 Bosnian Muslim men and youths were slaughtered by Bosnian Serb troops in an enclave supposedly protected by UN peacekeepers.
The United Nations had declared Serb-besieged Srebrenica, some 90 kilometers (60 miles) northeast of Sarajevo, a protected area for civilians. But the few hundred Dutch Blue Helmets on the ground were left short of credible weaponry or a clear mandate to protect the town.
The "Pillar of Shame" is to be raised in the hills above Srebrenica with a controversial goal: singling out the United Nations and international leaders as the ones most responsible for failing to prevent the mass killings.
An independent study by the Netherlands Institute for War Documentation cleared the Dutch troops of blame, noting they were outnumbered, lightly armed, undersupplied, and under instructions to fire only in self-defense. However, the Dutch government has accepted "political responsibility" for the mission's failure, and has given tens of millions of dollars to Bosnia, with a third earmarked for rebuilding Srebrenica. But for most Bosnian Muslims, that is not enough.

"We are taking the United Nations to the Court of Human Rights," said Subasic, who heads the victims' association Mothers of Srebrenica. "We will never give up."

Saturday, July 10, 2010

و أخيرا سربنيتشا زهرة لم تتفتح


في أحد المقالات القديمة بمجلة (العربي) شاهدت الفتاة صورة لمفتي البوسنة و زوجه فتساءلت: هل هناك إسلام في أوروبه؟  ثم شاهدت كغيرها من ملايين العرب ما كان يحدث في البوسنة و الهرسك في التسعينيات. و تتبدل خلفية كراساتها  من نصائح و صور ملونة إلى صور الحياة المريرة في البوسنة ( طفلة تبكي، زهرة تقول لك ساعد أخواتك من نساء البوسنة، نداء: انقذ مسلما). بينما تنتشر مطويات تحمل مشاريع إغاثية مثل البيت و الحطب الذي سيحميهم في الشتاء. هذا النداء خاصة يجعلها تلفظ الغطاء الوثير في الشتاء خجلا من أن تنعم في الدفء بينما يتألم أخوة لها على بعد. أقسمت في ليلة أن تفعل شيئا، و يبدو أنها لم تبر هذا القسم الطفولي. لهذا ستشاركهم بأضعف الإيمان على قدر استطاعتها.

تضجر جدتها من تكرار الأحداث في نشرة التليفزيون المصري التي لا تقدم إلا أخبار البلد التي اسمها ( تنطق أبجدية البوسنة و الهرسك بارتباك و صعوبة).  جدتها تتابع البرامج الدينية، فتتساءل الفتاة هل لا تشعر بهم جدتي حقا؟ أم لأنهم بعيدون عنا فلا تهتم بهم كثيرا؟ ما الذي يجعلها تتوحد مع أخبارهم لعام تلو الآخر. تمر السنوات فتتكشف لها الحقائق.  يسخر مدرس اللغة العربية و التربية الدينية من الرجال العرب الذين يعفون نساء البوسنة المغتصبات الشقراوات. ترد الطالبات: (لكنهن مظلومات يا أستاذ).. تتساءل لماذا يأخذ البعض ممن نتوسم فيهم المعرفة هذا المنحى السطحي في التعامل مع القضايا المهمة؟ إنهم يشكلون عقلية أجيال من الطلائع و المراهقين من مجرد كلمة أو حوار سلبي.

يعرض التليفزيون المصري إحدى الليالي المحمدية و يواكب الحدث. تظل في ذاكرتها كلمة ساخرة للفنانة أمينة رزق تقول: السيد رادوفان كرادجيتش الطيب. ربما شاركها سعد أردش. لقد سخر الفنانون من ازدواجية المعايير و المبررات التي تساق عالميا لتسويق المجازر على أنها صراع داخلي أو أي شيء آخر. لكن العالم وقف بعد خراب مالطه حيث خاف المارد العالمي من القزم الصربي أن يقف على كتفه فيكون أطول منه!. و هنا فقط تدخل الناتو و جاء اتفاق دايتون كالدواء المر. و مازالت تتعجب من حنكة بيل كلينتون و انقلاب أمريكا و توحد الناتو ضد مجرمي الحرب. ثم مرت السنوات و كان شرط دخول صربيا للاتحاد الأوروبي إنهاء قضايا التطهير العرقي و محاكمة المجرمين. هل هم طيبون حقا أم أن هناك مصالح و حسابات أخرى؟
يمر خبر استخفاف  كرادجتش بالمحكمة: (ذكرت صحيفة تايمز أن رادوفان كراديتش أظهر مجددا ازدراءه للمحكمة التي تنظر في تهم موجهة ضده بأن رفض المثول أمامها أمس. الجلسة الثانية والغياب الثاني لزعيم صرب البوسنة السابق رادوفان كرادجيتش أمام محكمة الجزاء الدولية في لاهاي. مقاطعة كرادجيتش للمحاكمة هذه المرة، لم تمنع القضاة من مواصلة المحاكمة التي بدأت بعرض لائحة الإتهامات الموجهة لزعيم صرب البوسنة السابق). فكتبت في شتاء 2009 هذه السخرية السوداء: السيد رادوفان  كرادجيتش الطيب...السيد الطيب جدا.. و قرارات مجلس الأمن الآمن جدا...الآن فى محكمة العدل...العادل جدا...و بعد سنوات طويلة طويلة جدا...الآن تبدأ المحاكمة...الآن حصحص الحق...و أخيرا سربنيتشيا...هل سيلطف سجنه نار المذبحة؟ إنه يفعل ما فعله مثيله ميلوسوفيتش! فعلى مدى عام و نصف يعد عدته من المماطلة و التكبر. فمن تخفي لسنوات كطبيب للطب البديل و  من أمن العقوبة من أي محكمة أو قرار لمجلس الأمن، له الحق أن يضيع الوقت لسنوات أخرى حتى يموت. فربما يموت أيضا مثل سابقيه في السجن أو قبل المحاكمة، وهذا أقصى ما يتمنى. إنه لأمر عجيب أن يقضي الإنسان حياته لغرض واحد قائلا: في خلال أيام ستختفي سراييفو و نقتل نصف مليون مسلم و نمحوهم من على وجه البوسنة. ثم يقضي حياته بين القتل في سراييفو ثم في الهروب و التخفي ثم في انتظار الموت! و الأعجب أن يعمل آلة القتل و المجازر و لا يفكر للحظة أنه سيأتي عليه يوم يلقى جزاءاه. أي غباء هذا؟ أم تراه غرورا؟ سيذكر التاريخ الجنرال بينوشيه (الديكتاتور التشيلي) و ميلوسوفيتش (المجرم الصربي) بالقتلة الذين ماتوا قبيل انتهاء المحاكمة. لكن محكمة الآخرة أصعب و لا مفر منها، كما أنها لا تؤجل أو تقدم لساعة. إن الساعة التي تمر على المظلوم أو الموتور طويلة جدا، فما بالك بالسنوات في انتظار الحق و القصاص؟ و ربما يحسبها السيد كراجيتش بطريقته المقززة وفق عقليته و قامته القميئة جدا. فليماطل و يتلاعب كما يريد. فلا الإعدام وارد، و لا الحياد موجود. عفوا، إنه خبر ممل و قديم، لكنه يتكرر كل حين. (قبضوا على السفاح و سوف يحاكم.)


و تمر السنوات لتقذف خبرا كل فترة: (لقد اكتشفوا قبرا جماعيا جديدا كما ترى في الصورة جثة لرجل غميت عيناه و قيدت يداه من خلاف ثم قتل!). ثم تشاهد مع والدتها جلسات التحقيق العلنية على إحدى الفضائيات. تتألم الأم و تنفر من هذا القاتل. تتساءل أليسوا روحا مثلنا؟ ألم يوجد من يقف بجانبهم؟ تتذكر الابنة أنه حينها سادت قصة وا معتصماه التي تتردد كلما ارتكبت مجازر ضد الأقليات المسلمة في الغرب و خاصة النساء. و كالعادة يتم الاتهام الضمني لشيوخ و ملوك العرب المسلمين: أين هم من المعتصم؟ تتذكر الزعيم الصامد علي عزت بيجوفيتش المخلص و تترحم عليه. تتألم إذ كيف كان كارازيتش طبيبا نفسيا، و لم يتهذب خلقه!
تزداد معرفة و تعود و تفكر إن ما حدث سيحدث في أي وقت فالمشكلة ليست مشكلة يوغسلافيا الحليف الشيوعي القديم الذي تفكك في بداية التسعينات. المشكلة في حقد الناس على الإسلام. ربما هنا كانت نظرية المؤامرة في أصدق صورها. لماذا إذن لم تدافع القوات الهولندية عن سربرنيتشيا  و لو بطلقة رصاص واحدة؟ لماذا تركت 8000 مسلم يقتلون في عدة أيام من يوليه 1995و في منطقة آمنة حسبما صنفتها الأمم المتحدة؟ خرج بعض المسلمين على مستوى العالم لنجدة الملهوف المسلم في البوسنة، لكن بعض الدول الإسلامية و المسؤلين الكبار سكتوا، حتى تحرك الناتو.


تأتي قصة مسلمي البوسنة المستضعفين حيث تعلم الأم ابنتها فقط أن تقول لا إله إلا الله قبل النوم حتى تبعث مسلمة. هكذا جاء في إسهاب مفيد للدكتور سليم العوا عن قصة واقعية لسيدات مسلمات من يوغسلافيا قابلهن في حياته. ألهذا الحد يكاد الإسلام يفرق منهم في أوروبه؟

من الذي أخفق في إرسال البعثات الدينية ليتعلموا دينهم؟
لا... لقد تذكرت أن صورة الإسلام في المجلة القديمة و التاريخ يقران أنه كان هناك إسلام.
فهل الاضهاد لعقود أضعفهم  و جعلهم كالشاة الضعيفة أمام الوحوش الكاسرة في أوروبه؟
تضيف تساؤلا آخر: هل الصرب لم يحاربوا فقط المسلمين بل حاولوا أن يبيدوا الكروات أيضا لضغائن عرقية قديمة؟ يبدو أن هناك حلقة مفقودة.
ثم يطرح البروفيسور طارق رمضان في برنامج (الإسلام  و الحياة) مثل هذه الأسئلة السابقة على الشيخ و الباحث البوسني ( حازم فاضل ) في ضوء حالة الإسلام في البوسنة. الموضوع اتضح لديها أكثر. يتساءل الضيف الكريم: إن قتل 8000 خروفا سيأخذ وقتا للتمكن منهم، فكيف تم هذا مع البشر في هذا الوقت القصير؟.



تتساءل كيف يمكن لإنسان أن يتحمل توهج كل هذه الصور في عقله كالوميض المتدفق من عقله أمام عينيه؟ . تتذكر، و تتألم، لكنها تفكر، و تكتب لكم هذه الصور في عجالة. فاليوم تمر الذكرى الخامسة عشر لمذبحة سربينتشيا.
سيسير 5000 شخص لثلاثة أيام على أقدامهم حتى يكملوا مسيرة على شرف 8000 ضحية قتلوا و لم يستطيعوا استكمال الطريق هاربين من آلة القتل الصربي عام 1995. سيودعوا بأطول مسيرة في أوروبه ذويهم قبل أن يدفنوهم. لا يكاد عقلها يستوعب أن هناك أكثر من 8000  شخص قتلوا لأنهم مسلمون. نعم...ماذا يتبادر في ذهنك عندما تجيب عن هذا السؤال. بأي ذنب قتل كل هؤلاء و بهذه الوحشية. الإسلام؟ الأمر جلل.  كانت قد نوهت في مدونتها عما قبل عن أهل البوسنة المسلمين الذين أنقذوا بعض اليهود. و جمعت مقالة عن جدوى استقلال كوسوفو.

صودف أنني هذه الفتاة و كانت تلك الصور تلاحقني كالكوابيس. لم أرها تحديدا في نومي، فلا تقلق عزيزي القاريء. لكنني أراها كلما تابعت أحداث البوسنة و ملاحقة مجرمي مذبحة سربرنيتشيا.  أرى هذه الكوابيس في يقظتي و لو رأيتها في نومي لهدأت من روعي و عزيتها بأنه كابوس سينتهي فور أن افتح عيني. لكن سربرنيتشيا كانت كابوسا في وضح النهار لا ينتهي. لقد صارت قراءتي و كتابتي بمثابة حفلة تعذيب تبدأ بمتابعة الأخبار ثم اتخلص من هذه الأفكارالمخيفة على الورق أو على المدونة كل يوم. لا أعلم لماذا تأسرني هذه الصور لأيام و تعود لتأخذني معها قسرا قائلة: انظري  و اعرفي. ها هو وجه الأرض يستحيل مذبحة أمام عينيك. هل تتذكرين صورة قديمة نشرت للأم المسلمة المهجرة بعد المجزرة تحنو على ابن ليس لها، لتسأله: هل رأيت ابني؟ و ربما كانت تعلم أن ابنها غالبا قد مات لكنها تتعلق بالسؤال آملة بإجابة.  و تدرك أنها لن تجد له قبرا أو جثة أبدا. بل ستضطر للانتظار لخمسة عشر عاما لكي تجد له قبرا بعد أن يعمل أطباء الطب الشرعي لعام كامل للتعرف على 775 جثة بطريقة الحمض النووي د ن ا . تتنتظر سنوات لتصلي عليه و تدفنه جماعة كما قتل جماعة! عندها ارتعد: كفى، ما بوسعي أن أفعل؟ ما ذنبي؟ لكنني عرفت، هل سيقيمون علي الحجة يوما ما؟ فقد انتهى الأمر منذ سنوات و بالتحديد 15 عاما. انتهى على أي شيء. خيرا كان أم  شرا... لا يفيد الآن. بل يفيد، فمن المحن نتعلم. اعرفي و تعلمي. إنه إحساس بالخلاص من الغرق أشعر به بعد كل مشهد و كأنني أعيش لحظة الرعب ثم أنجو كل مرة...
و أنت أيها القاريء: عفوا إن كانت الصورة سوداء، بماذا تشعر الآن؟ ماذ ستفعل الآن؟

و أخيرا، خبرنا عن ذكرياتك أيام حرب البوسنة و مذبحة سربنيتشيا في تعليقك. 


مدونات أجنبية واكبت الحدث لحظة بلحظة:

Srebrenica Genocide Blog

Srebrenica story

Americans For Bosnia

مدونات عربية تابعت الحدث:

ربما لم تسمع عني يوما
http://srebrenicastory.blogspot.com/

مدونات طبية تابعت الحدث:

صور من المذبحة
http://www.gendercide.org/photo2.html
قائمة بمن سيدفنون يوم 11 يوليه 2010 أي بعد 15 عام من القتل
http://www.scribd.com/doc/34031555/List-of-Srebrenica-Genocide-Victims-Scheduled-for-Burial-on-11-July-2010-15-Anniversary-of-Genocide 

أخبار عن كارازيتش على يورونيوز
http://arabic.euronews.net/2009/10/27/prosecution-opens-case-against-karadzic/ 

 
أخبار على بي بي سي العربية      
http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/world_news/newsid_4608000/4608735.stm
www.GenocideRap.com        
 

( عفوا إن كان هناك خطأ في ترجمة بعض الأسماء أو الأماكن. و من لديه تصويب، فأسأله التعليق مع خالص الشكر)

To shoot an Elephant!